يقول الله تعالى: ((
يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ))[يونس:57]، وفي هذه الآية وصف للقرآن بأربعة أوصاف:
أولاً: أنه موعظة، وهذه الموعظة للمؤمن والكافر، فيوعظ بها الجميع، قال تعالى: ((
قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى...))[سبأ:46]، وهذا الخطاب هو لكل من يصلح له الخطاب من الناس جميعاً.
ثانياً: أنه شفاء لما في الصدور، فالقرآن شفاء لكل مريض، فهو شفاء للمشرك من شركه، وللمبتدع من بدعته، ولصاحب الشهوة والهوى من شهوته وهواه، فالموعظة والشفاء لكل إنسان، حتى للمشركين إن أرادوا ذلك.
ثالثاً: أنه هدى، فالقرآن هدى للناس أجمعين، لكن الذي يهتدي به في الحقيقة هم المؤمنون، فالقرآن مادة هداية، ولكن من الناس من يضل به مع أنه مادة الهداية، وإنما يقع منهم الضلال بسبب ذنوبهم وجحودهم وكفرهم.
رابعاً: أنه رحمة للمؤمنين، فالقرآن رحمة للمؤمنين، فقد رحم الله المؤمنين فأنقذهم من ظلمات الكفر، إلى نور الإسلام والإيمان وهذه رحمة من الله لهذه الأمة الأمية، ولو أنه سبحانه وتعالى جعل هدايتها بيد اليهود، الذين فيهم هذه العجرفة والغطرسة والاستكبار، مع أنهم يتلون الكتاب؛ لذلت هذه الأمة في أخذها الخير والهدى من عند هؤلاء.
لكن الله تعالى رحم هذه الأمة فأنزل عليهم الكتاب، وجعلهم شهداء على الناس، وأوجب على اليهود والنصارى اتباعهم، وأن من آمن منهم بمثل ما آمنوا به فقد اهتدى، ومن تولى فهو من الكافرين.
فالقرآن رحمة في أخباره، ورحمة في أحكامه، وفي هداه وبيانه ومواعظه.
ويقول تعالى: ((
قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ))[فصلت:44]، فهو الذي يهديهم إلى الطريق المستقيم، وهو شفاء للإنسان إذا اعتراه مرض أو شك أو شبهة، فهو هدى وشفاء.
ثم ختم المصنف رحمه الله تلك الآيات بقوله تعالى: ((
فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا))[التغابن:8]، (فآمنوا بالله ورسوله) محمد صلى الله عليه وسلم، (والنور الذي أنزلنا) وهو القرآن، وتدخل معه السنة أيضاً؛ لأنها الحكمة التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم.
وأوصاف القرآن في القرآن أكثر مما ذكره الشارح رحمه الله هنا؛ من كونه موعظة، وشفاء، وهدى، ونوراً، وما ذكر فما هو إلا بعض أوصافه.